23 ديسمبر 2018

الرجل العظيم الذي بنى شعباً عظيماً

مشاركة بقلم عارف مبارك، الرئيس التنفيذي، دبي لإدارة الأصول

 

مع وصول عام زايد إلى نهايته، هناك الكثير من الدروس التي ينبغي ذِكرها، والذكريات التي يجب أن يدوم حضورها، والأهم من ذلك هو التراث الذي يجب أن يبقى حياً بيننا.

خلال الرحلة التي وثّقنا فيها إنجازات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والحكايات التي رويناها، والتكريم الذي قمنا به للأب المؤسس للدولة والشعب، فقد كان مبهجاً للقلب أن نشهد هذه المحبّة الذي يُكنّها الناس للشيخ زايد والتي عبرت الحدود والجنسيات والأيديولوجيات، وأتت كشهادة حقيقية على التأثير الكبير الذي أحدثه هذا القائد العظيم على نسيج أمتنا والمنطقة ككل.

بالنسبة لأولئك الذين لم يحالفهم الحظ لمقابلته أو العيش في دولة الإمارات إبّان عهده، فإن كل ما عليكم فعله هو أن تنظروا حولكم لتروا كيف يعكس الشعب في سلوكه هذا الرجل.

لقد كان المغفور له قائداً عظيماً ومحبوباً، وصاحب تواضعٍ دام عبر جميع الظروف والأوقات، وقد كانت قدرته على حشد دعم شعبه جديرة بالإعجاب، إذ انجذب الناس له وكان يستجيب بنفس القدر من المحبة مع أقصى قدر من الرعاية والاحترام. وبينما كان متجذّراً بقوّة في تقاليد وتراث هذه الأرض، كان لديه مخزون هائل من التسامح والانفتاح واحترام الناس على اختلاف مشاربهم. إن دولة الإمارات العربية المتحدة في جوهرها اليوم تجسيدٌ للشيخ زايد، وهي تقف كرمز للوحدة في العالم العربي.

يمكن للمرء أن يرى انعكاسه في كل شيء، من التغييرات التي أدخلها، إلى عملية التنمية التي قادها، والتي كانت ثورة ثقافية واقتصادية بكل ما في الكلمة من معنى. إن بُعد نظرته السياسية يتبدّى من خلال طيف واسع من الأمور: سواء أكان ذلك في سياساتنا الخارجية، أم في تدابير المساواة بين الجنسين، أو ثقافة العمل الخيري التي ترسّخت في رؤية وسلوك كلّ منّا. لفهم حقيقة أهميته الخالدة ورؤيته الدؤوبة التي وضعها لضمان مكانة بارزة لدولة الإمارات العربية المتحدة علينا أن نتطلع إلى المستقبل وليس إلى الماضي، ليس فقط في دول مجلس التعاون الخليجي وإنّما على الساحة العالمية أيضاً.

إن معظم الأحداث الرئيسية في دولتنا تُدين للشيخ زايد طيب الله ثراه؛ وفي المقام الأوّل كانت جهوده منصبّة على تعزيز دولة الإمارات المتصالحة في دولة واحدة تجمع بين جميع المكوّنات المتجانسة مثل الأهداف واللغة والثقافة المشتركة لتشكيل كيان دولة الإمارات العربية المتحدة – الدولة التي برهنت على كلّ ذلك منذ ذلك الحين من خلال سجلّ حافل بالإنجازات والازدهار، وهذا ما مكّنها من التربّع بين أكثر الدوّل ديناميكية في العالم خلال زمن قياسي.

من برنامجنا الفضائي المكلّل بالنجاح، والذي سيستضيف معرض إكسبو العالمي في العام 2020، وإطلاق تسمية "الدولة الأكثر سخاءً في العالم"، إلى الحكم الصادر فيما بعد الذي رفع تمثيل المرأة الإماراتية في المجلس الوطني الاتحادي إلى نسبة 50 بالمئة، والمصادقة رسمياً على اتفاقية باريس للمناخ، فإنّه ليس هناك شك في أنّ ميراث الشيخ زايد هو إرث حيّ يلهم الأجيال بنجاحه.

وباعتباري أحد الذين عاشوا في عهد الشيخ زايد وتحت قيادته، فإنّ المسؤولية تقع على عاتقنا لضمان استمرار رؤيته وإنجازاته في إلهام أجيال المستقبل. وهذا هو التجسيد ذاته لقيَمه التي انعكست في منظومات القيَم الخاصّة بأطفالنا ومدارسنا وأعمالنا وقيادتنا.